X
"أتلقى يومياً رسائل بريدية إلكترونية واتصالات ورسائل جوالات تصلني من قرائي الذين يتابعون ما أكتب وهذا الكتاب الذي بين أيديكم والذي يحمل اسم “أسيل” مؤلف من إحدى تلك الرسائل المذهلة والغامضة المرسلة إلينا لقد كَتبت هذه الرسالة وهي على «فراش الموت». وهي قصة حياة واقعية تحطم القلوب لمريضة مشوشة الذهن، تعاني من اضطرابات نفسية، وتعيش حالة مرضية عصيبة ومأساة لا تطاق لفتاة شابة على وشك الانتحار. أثارت هذه الرسالة العواصف في رأسي... أنّى لي أن أنسى ذلك اليوم البارد من الخريف... ومع تلاقي برودة هواء الخارج مع دفئ جو الداخل صار زجاج النافذة مضبباً حزيناً سالت قطراته وكأنه يبكي ويذرف الدموع قطرة قطرة... بدأت أقرؤها على المنضدة، فكانت تحرق قلبي في مثل هذا اليوم البارد وكأن سطورها مصفوفة بجمرات من نار. كنت آتيها بين حين وآخر وأنا رهن غموض جمل قاهرة سلبتني من ذاتي، كان صمت الغرفة يبدده الفواق الذي ينتابني عند عودتي إلى نفسي. كانت «نجدة» صامتة طاشت من الرسالة مطوقة غرفتي، تكوي أحشائي. تستنطق الإنسانية، وبنية الأسرة، والتربويين، وتستنطق سياقات المسؤولين بالدرجة الأولى، صرت مطوقا بتأثيرها. كنت أبكي كطفل لا حول له. وكانت دموعي التي جاهدت على حبسها تتجاوزني وتبلل سطور الرسالة. ولكي لا تخرج أصوات فواقي خارج غرفتي، كنت أفتح النافذة وأمد رأسي وبدني المتحول إلى كتلة نار، إلى الخارج ليواجه برودة الموسم... وإن الدموع التي كنت أسكبها من أجل صاحبة الرسالة كانت تتسرب إلى حافات حياتي كتسرب الضباب على زجاج النافذة"
X